السبت، 13 نوفمبر 2010

كلمة ( قل ) فى القرآن - الجزء الثالث

فى القرآن ايات قليله جدا لعلها لا تتجاوز الأثنتين فيها ضمير المتكلم راجع الى النبى صلوات الله عليه لكنها لم تصَدر بهذا الأمر الكريم ( أقرأ) كمثلها من الآيات ، لكن شاءت رحمة الله وحكمته أن يحيطها بما يذود خاطر السوء عن قلب القارىء ذود اليقين مثل آية آخر سورة النمل ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذى حرمها وله كل شىء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القران فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل انما أنا من المنذرين ) ألا ترى الى كلمة قل فى آخر الآيه الثانيه كبف صححت موقف العقل من الآيتين جميعا وسدت عليه باب احتمال أن تكوت الأيتان من كلام النبى أدرجتا فى القران؟ إن لها وقعا بلاغيا عظيما ففرق بين الآيتين الكريمتين كما انزلتا وبينهما بحذف كلمة قل من ثانيتهما مع اثبات الفاء طبعا ، لكن هذا الفرق لا يبلغ مبلغه فى حالة الآيات الكريمه التى سبق الأستشهاد بها من آخر سورة سبأ فهناك من يتفكك الكلام ويذهب عنه كثير من الروعه وهنا لا يدرك تفككه وان ذهب عنه من الروعه والجلال ما ركز فى كلمة ( قل ) هذه . لكن بقطع النظر عن هذا لا تتغير الرساله الكريمه المودعه فى الآيتين بحذف كلمة قل من ثانيتهما وآنما ينفتح للشيطان باب الوسوسه الى الإنسان وأقل ما يوسوس به أن هذا كلام للنبى اندرج فى القران ليزلزل بذلك من القارىء المؤمن اعتقادة ان القران كلام الله كله ليس لمخلوق منه حرف نبى أو غير نبى وسيلجأ المؤمن طبعا إذ ذاك الى خاصة الإعجاز يدرأ بها الوسوسه عن نفسه ولكن كم من الناس من أوتى من البصر ما يستطيع به ادراك اعجاز الآيات ؟ سهل على الشيطان ان يشكك فى الأعجاز اللغوى لآيه أو آيتين لكن من الصعب حتى على الشيطان أن يطمس الدلاله العقليه لكلمة ( قل ) فى آخر الأية الثانيه ، إن الآيتين كلتيهما ليستا من كلام النبى وإنهما لا يمكن أن تكونا من كلام النبى بوجه من الوجوه
الحق أن وجود كلمة قل أو أنذر أو نبىء وأمثالها فى القران لا يمكن أن يستقيم فى عقل مع الفرض الذى يلبس به الشيطان على الملحدين والجاحدين أن القران من كلام محمد بن عبد الله . فكل منها كاف لزعزعة هذا الفرض فى نفس مفثرضه اذا اقترن بشىء من الأخلاص وكلها كاف لاقتلاعه من أساسه وإبطاله كل الإبطال عند طلاب الحق من مفكرى غير المؤمنين ، وتكون الخطوه التاليه لهم اذا تابعوا التفكير أن يتسائلوا من هو ذلك الذى وجه الى محمد هذا الأمر بالقول أو الإنذار أو الإنباء مادام قد وضح أن القران هو نص كلام ذلك الأمر ؟ إذ لا يمكن فى طبيعة التفاهم اللغوى الإنسانى أن يكون هو كلام محمد المأمور المشهود له بالأخلاص حتى عند هؤلاء
وقد سهل الله لمن يتجه هذا الإتجاه ويبلغ هذه المرحله من التسائل ان يصل الى الحق بالدلائل العقليه الآخرى التى أودعها الله سبحانه واضحه جليله فى القران ، ومن غير الممكن الآن أن يوضح ألا بابا منه ببعض الأمثال، خذ اليك الآيات الكريمه الآتيه ( قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاه وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانيه من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال) سورة ابراهيم
قل لعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) سورة الزمر ( نبىء عبادى أنى أنا الغفور الرحيم ، وأن عذابى هو العذاب الأليم)سورة الحجر ( قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا)سورة الإسراء
فهذه آيات كريمه حوت هذا الأمر الكريم قل ونبىء ولكنها حوت أيضا ما يدل دلاله قاطعه أن الآمر لمحمد لا يمكن أن يكون أحد من الخلق لأن ضمير المتكلم فيها لا يمكن أن يكون راجعا الا الى رب العباد ورازقهم ورب الخلق أجمعين
ويلاحظ أن رجوع ضمير المتكلم الى الحق سبحانه لا يكفى وحده دليلا على قرانية الكلام فهناك أحاديث شريفه رواها ثقات المحدثين فيها ضمير المتكلم راجع الى الله سبحانه وسموها من أجل ذلك أحاديث قدسيه تمييزا لها ولكن لم يقل أحد إنها من القران ،خذ اليك منها
عن أنس رض الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله يابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك ولا أبالى) رواه الترمذى
عن أبى هريره رضى الله عنه فال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله عز وجل كل عمل بن ادم له الا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ) الحديث ، رواه البخارى ومسلم
عن أبى ذر رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( يقول الله عز وجل يا بنى آدم كلم مذنب ألا من عافيت فاستغفرونى أغفر لكم وكلكم فقير إلا من أغنيت فاسألونى أعطكم وكلكم ضال إلا من هديت فاسألونى الهدى أهدكم ) رواه مسلم
فهذه أحاديث شريفه فيها ضمير المتكلم راجع الى الحق سبحانه وليست من القران والفرق بينها وبين الآيات الكريمه المستشهد بها أخيرا هو - بعد فرق الإعجاز _ صيغة الأمر ( قل ) فى الآيات ، وصيغة الخبر قال الله ويقول عز وجل فى الأحاديث
هذه دلاله لفظ واحد من ألفاظ القران على حقيقة القران ، والقران كله بعد ذلك ذلك دلائل على أنه من عند الله لا من عند أحد من خلقه ، ولقد يسر الله القران للذكر لو يذًكر الإنسان

نشر فى الثقافه بتاريخ 1943 لكاتبه ( محمد أحمد الغمراوى

الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

كلمة ( قل ) قى القران _ الجزء الثانى

ولقد روى ثقات المحدثين عدة أحاديث للنبى صلى الله عليه وسلم بلغ فيها عن ربه بصيغة الخبر التى يقضى بها عرف اللغه مثل حديث ( أن الله كره لكم ثلاثا:قيل وقال وأضاعة المال وكثرةالسؤال) رواه البخارى ومسلم وغيرهما فيما ذكره المنذر ، ومثل الموعظه له صلى الله عليه وسلم ( أوصانى ربى بتسع اوصيكم بها : أوصانى بالأخلاص فى السر والعلانيه والعدل فى الرضا والغضب والقصد فى الغنى والفقر وأن أعفو عن من ظلمنى وأعطى من حرمنى وأصل من قطعنى وأن يكون صمتى فكرا ونطقى ذكرا ونظرى عبرا ) فها هو النبى يبلغ عن ربه كما ألف الناس ليس فى الكلام قل ولا نبىء ولا أنذر ولا ما شابههما من الكلمات أفليست كلمة قل ونبىء وأنذر وما ماثلها فى القران الكريم منفرده ومجتمعه شاهدا واضحا ومذكرا ناطقا على ان القران ليس بكلام محمد صلوات الله عليه والا لاتبع محمد الفصيح البليغ طريقة البشر فى التبليغ ولما خالف عرف الخطاب عند الناس أجمعين على اختلاف الألسنة واختلاف الألوان؟
وعجيبه أخرى لهذا الكلمه المباركه كلمة ( قل ) أنها وأمثالها تدل دلاله واضحه على أن النبى صلى الله عليه وسلم حين امر بتبليغ الرساله القرانيه أمر ايضا بألا يغير منها حرفا ومنع من أن يتصرف فيها أى تصرف ولو كان ذلك فى الصيغه ولو كان ذلك بإسقاط كلمة قل مع اداء منقول القول بالحرف دون أدنى تغيير ، أليس من عجيب الحكمه وعظيم الرحمه أن أُثبت أن هذا الحرف وامثاله فى القران رمزا للرساله وشهاده بها وليدل الناس فى ايجاز وصراحه على ان القران ليس من عند محمد وأن محمدا تلقاه من عالم الغيب ونقله الى عالم الشهاده بكل لفظ فيه وكل حرف ؟؟ فكل لفظ فيه وكل حرف هو من عند من أوحى القران الى رسوله ليبلغه بنصه وفصه للناس: (قل ما اسئلكم عليه من اجر وما انا من المتكلفين ان هو الا ذكر للعالمين) سورة ص ( قل ما سالتكم عليه من أجر فهو لكم ان اجرى الا على الله وهو على كل شىء شهيد ) ( قل ان ربى يقذف بالحق علام الغيوب . قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد. قل ان ضللت فانما أضل على نفسى وان اهتديت فبما يوحى الى ربى انه سميع قريب) ماذا يا ترى يمنع القارىء الذى لا يفقه اعجاز القران ان يقول فى نفسه ان هذا كلام من يرجع اليه ضمير المتكلم الا كلة ( قل ) هذه تقوم فى اول كل آيه كالحارس القائم بسلاحه على مستودع ذخيرة جيش أو كالدريئه القائمه دون صدر جندى من جنود الله ؟
والآيات الأخيرة فى القوس الأخير آيات متتاليه من آخر سورة سبأ قأعد قرائتها الآن ماذا تجد وقعها فى نفسك؟ ثم اقرأها مره أخرى من غير كلمة قل فى أول كل منها ماذا تجد الآن؟ ارايت الفرق بين الآيات الكريمه كما انزلها الله وبينها نفسها بعد حذف هذه الكلمه المتكرره فيها والتى يظن الملحد والجاحد أن لا لزوم لها فى الكلام؟ فهذه عجيبه أخرى وسر آخر من أسرار هذه الكلمه(الكريمه كلمة قل التى تميز القران وتفرد بكثرة ورودها فيه بين جميع الكتب المنزله على الأنبياء

الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

كلمة ( قل ) فى القرآن

هذا مقال قديم نشر قى مجلة الثقافه سنة 1943 لكاتبه محمد أحمد الغمراوى ونحن بدورنا نعرضها على عد أجزاء لطول المقال ولأهميته والآن مع النص :
من أعجب كلمات القرآن الكريم هذه الكلمه ذات الحرفين ، أو هذا الأمر بالقول الكثير الورود فى القرآن . وأبرز عجائبه عندى أنه يبطل فى حرفين زعم من يزعم أن القرآن من كلام النبى صلوات الله عليه لأنه يظهر بوضوح أن القرآن كلام من وحيه الى النبى هذا الأمر المتكرر المطرد " قل" : ( قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن أتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين ) سورة يوسف ، ( قل أنما أنا بشر مثلكم يوحى الي أنما الهكم اله واحد ) سورة الكهف ، (قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاسكثرت من الخير وما مسنى السوء أن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)سورة الأعراف
فلو تأملت هذه الآيات الكريمه وهى قليل من كثير مثلها فى القرآن وصرفت النظر عن اعجازها الدال على أنها ليست من قول البشر لما وجدت شيئا يحمى القارىء المؤمن من ان يسبق الى نفسه انها كلام النبى الا هذه الكلمه الكريمه ذات الحرفين أو هذا الأمر ( قل ) فى أول كل منها لأن ضمير المتكلم فى كل منها راجع الى النبى صلوات الله عليه فأن كان القارىء غير مؤمن وجد امر( قل ) هذا قائما حيال كل آيه يوقظه وينبهه أنه يقرا كلاما لا يمكن أن يكون محمد قاله من عند نفسه ما دام مأمورا بالقول هكذافى كل آيه أو على الأقل يجد غير المؤمن أن العقيده التى تلقاها ووقرت فى نفسه من ان القران كلام محمد تريد ان تتقلقل وتتزعزع بكلمة (قل) هذه كلما قرأها فى مواطنها من الآيات فكأن هذه الكلمه الكريمه تقوم حيال كل أيه وردت فيها تذود الشك عن نفس المؤمن وتزعج نفس غير المؤمن أن تطمئن كلما اراد غير المؤمن ان يفهم ان محمد يقول ( هذه سبيلى ) و)انما انا بشر مثلكم ) و (لا املك لنفسى نفعا ولا ضرا ) و ( ما كنت بدعا من الرسل ) أزعجته كلمة قل عن هذا كأنها تقول له فى كل مره ليس هذا من كلام محمد حتى ليجد نفسه مضطرا ان يتسائل من الذى يقول لمحمد قل .. قل .. قل .هكذا بهذا التكرار فى تلك الآيات وأمثالها فى القران.
وعجيبه أخرى لتلك الكلمه الكريمه أن ذكرها من رسول فى صلب رسالة المأمور هو بتبليغها يخالف كل مألوف الناس أو ان شئت يخالف اجماع الناس فى كل لغه وفى كل عصر فى الأدب أو فى الخطاب
واسأل نفسك هل تعرف فيما قرأت أو سمعت أن أحدا حين يبلغ رساله حملها الى فرد أو جماعه يبلغها مصدره بقول ( قل )أو بلغ أو نبىء أو أى صيغه أخرى من الصيغ التى يمكن ان تستعمل عند الأمر بالتبليغ أو الإخبار ؟ طبعا لا فإن حامل الرساله أو الخبر عند ادائها أو ادائه يجد نفسه بالطبيعه بصيغه من صيغ الخبر التى جرى بها عرف اللغه فى الخطاب أما ان يعيد نفس الكلام الآمر عند الأمر حتى قول قل ونبىء فهذا يخالف كل ما جرى عليه البشر فى الكلام